الاحتراق الوظيفي
الاحتراق الوظيفي هو ظاهرة شائعة يمكن أن تؤثر سلبًا على الصحة النفسية والجسدية للموظفين، وتقلل من إنتاجيتهم وأدائهم، ويمكن للإدارات من خلال فهم الأسباب والأعراض اتخاذ خطوات فعالة وتوفير بيئة عمل صحية وإيجابية للوقاية من الاحتراق الوظيفي وضمان رفاهية الموظفين.
موضوعات الصفحة:
- التعريف بمصطلح الاحتراق الوظيفي
- أسئلة شائعة حول المصطلح
- حمل كتاب مصطلحات الموارد البشرية
ما هو مفهوم الاحتراق الوظيفي Job Burnout؟
هو حالة من الإجهاد الجسدي والنفسي الناتج عن الضغوطات المفرطة في العمل، يصاحبه شعور مستمر بالتوتر والإرهاق وفقدان الحماس والدافع، ما يؤدي إلى انخفاض الأداء والإنتاجية وعدم القدرة على تلبية متطلبات العمل.
وتصنفه منظمة الصحة العالمية بأنه ليس حالة طبية بل ظاهرة مهنية تتميز بثلاثة أبعاد هي تنامي الشعور باستنزاف الطاقة، وتزايد المشاعر السلبية تجاه العمل، وانخفاض القدرات المهنية.
وتختلف مدة الاحتراق الوظيفي من شخص لآخر وتعتمد على عدة عوامل، مثل مدى التعرض للضغوطات الوظيفية، والدعم المتاح، والاستجابة الفردية، فقد تستمر فترة قصيرة مثل أسابيع، أو قد تطول لعدة أشهر أو سنوات في حالات أكثر خطورة، لكنها نادرًا ما تتجاوز 30 شهرًا.
الفرق بين الاحتراق الوظيفي والاكتئاب
رغم أن الإحتراق الوظيفي والاكتئاب متشابهان في بعض الأعراض ويمكن أن يؤدي أي منهما إلى الآخر، إلا أنهما حالتان متميزتان، إذ يعد الاحتراق الوظيفي ظاهرة مهنية تنتج عن ضغوط العمل المزمنة، ويظهر على صورة شعور مستمر بالإنهاك النفسي والجسدي، والرغبة بالانسحاب من العمل وعدم القدرة على الإنجاز، وغالبًا ما يلاحظ التحسن بمجرد إيجاد التوازن في العمل وتطوير مهارات التكيف.
بينما يعد الاكتئاب حالة مرضية تتعلق بأفكار سلبية وشعور بالحزن وفقدان الاهتمام، مع تدني احترام الذات وإحساس بالذنب يؤثر على الحياة الشخصية والاجتماعية والعملية، ويمكن أن ينتج عن مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك العوامل الوراثية، والتغيرات الجسمية والنفسية والحياتية، ولا يقل أعراض الاكتئاب بمجرد الابتعاد عن المسؤوليات أو المهام الصعبة بل بحاجة إلى العلاج العلاج النفسي، والأدوية، وتغييرات نمط الحياة.
أعراض الاحتراق الوظيفي
يتطلب التعامل مع الاحتراق الوظيفي والوقاية منه التعرف أولًا على علامات الإنذار التي تنبهنا من أننا في مرحلة الاحتراق الوظيفي، وتتوزع هذه الأعراض على أربعة جوانب:
- الأعراض الجسدية: يضعف الاحتراق الوظيفي جهاز المناعة ويؤثر على صحتنا الجسدية بصورة واضحة تظهر عبر:
- الإرهاق المستمر والشعور الدائم بالتعب، وعدم القدرة على استعادة الطاقة حتى بعد فترات الراحة.
- مشكلات في النوم مثل الأرق، أو الاستيقاظ المتكرر.
- الصداع التوتري، والآلام المتكررة في الرأس والعضلات.
- مشكلات هضمية مثل فقدان الشهية أو القولون العصبي.
- الأعراض النفسية: يؤثر الاحتراق الوظيفي على الصحة النفسية للموظف بعدة أعراض تختلف تبعًا لدرجة تفاقم الحالة، مثل:
- الإرهاق العاطفي والشعور بالاستنزاف وصعوبة التعافي عاطفيًا بعد يوم العمل.
- القلق الدائم، وسيطرة الأفكار السلبية مثل العجز عن تحقيق التقدم أو التغيير.
- قلة التركيز وكثرة النسيان، والشعور باللا مبالاة.
- الأعراض السلوكية: يميل المصابون بالاحتراق الوظيفي إلى إظهار العديد من العلامات السلوكية السلبية، ومنها:
- الانسحاب الاجتماعي والانعزال وتجنب التفاعل مع الزملاء والأصدقاء، أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
- السخرية والتهكم تجاه الزملاء والعمل، والنقد الزائد للآخرين.
- الانفعال وصعوبة القدرة على التحمل وزيادة افتعال النزاعات.
- الأعراض الوظيفية: تعمل العوامل السابقة جميعًا على تراجع أداء الموظف وتقصيره في إتمام مهمات عمله، ويظهر ذلك في:
- تراجع إنتاجية الموظف وتأخيره في تسليم مهامه.
- فقدان الحافز في الذهاب إلى العمل أو إنجاز المطلوب منه.
- الشعور بالفشل في تحقيق الأهداف المهنية، والشك المستمر في القدرات الشخصية.
- التفكير الدائم بتغيير العمل.
مراحل الاحتراق الوظيفي
تقسم دراسة مجلس الصحة لدول مجلس التعاون مراحل الاحتراق الوظيفي إلى:
- شهر العسل: يتميز بأداء عالٍ، ومستويات من الطاقة والالتزام.
- بداية التوتر: تنخفض فيها الإنتاجية ويقل التفاعل الاجتماعي.
- القلق المزمن: تظهر علامات الإرهاق، وسلوكيات الغضب والعدوانية في العمل.
- الاحتراق: تتعمق فيه التغيرات السلوكية السلبية وتنعدم الثقة بالنفس، ويعزل الموظف نفسه عن الآخرين.
أسباب الاحتراق الوظيفي
تتنوع أسباب الاحتراق الوظيفي بين طريقة التنظيم وبيئة العمل وشخصية الموظف، ومن أهمها:
- زيادة عبء العمل ومتطلبات الأداء: الضغط الزائد وساعات العمل الطويلة من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الاحتراق الوظيفي، إذ يشعر الموظف بأنه مطالب بإنجاز مهام متعددة في وقت محدود، ما يؤدي إلى توتر عصبي شديد يقود إلى الإنهاك.
- الثقافة المؤسسية السلبية: تتفاقم مشكلة الاحتراق الوظيفي في البيئة التي تتميز بالمحاباة وسوء المعاملة والتنمر، وتفتقر إلى التشجيع والتحفيز، أو تعاني من الخلافات والصراعات المستمرة بين الموظفين والإدارة مع غياب الدعم والتقدير.
- العوامل الشخصية للموظف: يشمل ذلك المتطلبات العالية للذات والسعي المستمر لتحقيق الكمال، إضافة إلى نقص المهارات في إدارة الوقت، وضعف القدرة على التكيف مع التغيرات في بيئة العمل، أو عدم القدرة على تحقيق توازن صحي بين العمل والحياة الشخصية.
- عدم وضوح الدور الوظيفي: عندما يكون هناك عدم وضوح في الأدوار والمسؤوليات، وضعف في السيطرة على القرارات المتعلقة بأداء العمل، يشعر الموظف بالإحباط والضغط النفسي، إضافة أن الروتين وعدم وجود تحديات جديدة يساهم في الشعور بالملل ويزيد من الإجهاد.
طرق التعامل مع الاحتراق الوظيفي
تبدأ أولى مراحل التعافي من الاحتراق الوظيفي بالاعتراف بوجوده ومحاولة إنشاء قائمة بأسبابه، ثم وضع خطة بالحلول الممكنة لإعادة الأمور إلى نصابها، ومن أبرز هذه الإجراءات:
- إستراتيجيات إدارة التوتر: مثل ممارسة تقنيات الاسترخاء، والحصول على قسط كاف من النوم، وأخذ فترات راحة منتظمة على مدار اليوم، أو ممارسة التأمل أو المشي عند الشعور بالتوتر.
- الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية: ممارسة الرياضة بانتظام، وتناول الطعام الصحي، أو حضور جلسات استشارية نفسية، أو طلب دعم الأصدقاء والعائلة، والابتعاد عن التواصل مع الأشخاص السلبيين والتركيز على الإيجابيات.
- التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية: الفصل بين الحياة العملية والشخصية، ووضع حدود لساعات العمل والالتزام بها، وأخذ إجازات منتظمة، وتخصيص وقت للعائلة والهوايات.
- تنظيم وقت العمل وإدارة المهام: تحسين علاقتك بعملك عبر التفكير في قيمة مهنتك، وتحديد أولويات العمل ورفض المهام أو المسؤوليات الإضافية المجهدة و،استخدام جدول زمني لأداء المهام المختلفة، واستخدام تقنيات إدارة الوقت مثل تقنية Pomodoro، التي تتضمن العمل لفترات زمنية قصيرة مع فترات راحة منتظمة.
كيف تحمي موظفيك من الاحتراق الوظيفي
يمكن لأصحاب العمل لعب دور كبير في حماية موظفيهم من الاحتراق الوظيفي لضمان تحقيق أعلى مستويات الإنتاجية والرضا الوظيفي، ومن أبرز ما يمكن اتخاذه من خطوات:
- الحوار: خلق قنوات تواصل مفتوحة بين الإدارة والموظفين للنقاشات البناءة، وطرح الأفكار، والاستماع إلى مشكلاتهم وحلها.
- تحسين بيئة العمل: التأكد من أن مكان العمل مريح وآمن، ويشجع على التعاون والدعم المتبادل بين الموظفين، ويعزز رفاهيتهم.
- الثقة: العمل على تمكين الموظفين ومنحهم الاستقلالية والتحكم في إدارة مهامهم اليومية، وأخذ رأيهم في القرارات المهمة.
- وضوح التوقعات: تحديد الأدوار والمسؤوليات بدقة، والتأكد من أن عبء العمل مناسب ولا يتجاوز قدرة الموظف، وتوفير فرص التدريب والتطوير المهني لتعزيز المهارات.
- الدعم والتقدير: الاعتراف بجهود الموظفين وتقديرهم ورفع معنوياتهم، وتقديم الدعم النفسي لهم، وتوفير بيئة عمل تشجع على التعاون والدعم المتبادل بين الموظفين.