التغيير المؤسسي
تعد إدارة التغيير المؤسسي من العناصر الأساسية لتحقيق التكيف والاستدامة في بيئات الأعمال المتغيرة وتعزيز الكفاءة وتحقيق أهدافها الإستراتيجية، فما هو المفهوم الشامل لإدارة التغيير المؤسسي وما الفرق بينها وبين إدارة التغيير، وما هي عناصر وأنواع التغيير المؤسسي.
موضوعات الصفحة:
- التعريف بمصطلح إدارة التغيير المؤسسي
- أسئلة شائعة حول المصطلح
- حمل كتاب مصطلحات الموارد البشرية
ما المقصود بالتغيير المؤسسي؟
التغيير المؤسسي Organizational Change هو النهج المنظم الذي تستخدمه المؤسسات للانتقال بالأفراد والفرق والأعمال من الوضع الحالي إلى حالة مستقبلية مرغوبة، وتعد عملية إستراتيجية ومنظمة تهدف إلى تحويل الهياكل والإجراءات والثقافة داخل المؤسسة من أجل تحسين الأداء وتحقيق أهداف جديدة. تتطلب إدارة التغيير تطبيق مجموعة من الأدوات والمهارات التي تشمل تحليل الوضع الحالي وتحديد الأهداف المرجوة وتطوير خطط عمل لتحقيق هذه الأهداف، ولا تقتصر هذه العملية على التغييرات التقنية أو الهيكلية فقط، بل تشمل أيضًا إدارة التفاعل البشري من خلال إشراك الموظفين ودعمهم لضمان تبني التغيير بنجاح وتجنب المقاومة الداخلية ومشاركة جميع الأطراف المعنية للتأكد من فهمهم لأهمية التغيير ودورهم في إنجاحه.
ما أهمية إدارة التغيير المؤسسي في المنظمات؟
تواجه المؤسسات اليوم تحديات متزايدة تتطلب منها التكيف المستمر عبر بناء نهج استباقي لإدارة التغيير المؤسسي يمكّنها من تحقيق أهدافها الإستراتيجية والتفوق على منافسيها عبر تحقيق الفوائد التالية:
- التكيف مع التحولات التكنولوجية: تتغير التكنولوجيا باستمرار ما يفرض على المؤسسات تبني أنظمة وأدوات جديدة لضمان القدرة على المنافسة، ويشمل ذلك التحول الرقمي والأتمتة والذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، أو المعدات والآلات الحديثة التي تعزز قدرة المؤسسات على تقديم خدمات ذات جودة أعلى بأقل تكلفة.
- زيادة الكفاءة والإنتاجية: تسهم إعادة هيكلة العمليات الداخلية والاستفادة من تقنيات تحسين العمليات في تقليل الهدر وزيادة سرعة الإنتاج وتحسين الجودة، ما يؤدي إلى تحسين كفاءة العمليات وتوفير الموارد المالية والبشرية.
- تحقيق الرضا الوظيفي: يعزز التغيير المؤسسي التفاعل بين القيادة والموظفين ويبني ثقافة تنظيمية تدعم التغيير وتشجع الموظفين على تقديم اقتراحات لتحسين العمل، ويمنح التغيير الناجح الموظفين شعورًا بالمشاركة والتمكين يؤدي إلى زيادة الرضا الوظيفي والولاء للمنظمة.
- التكيف مع تغييرات السوق: تتطلب التغيرات في احتياجات العملاء والتقلبات الاقتصادية أن تكون المؤسسات مرنة في إستراتيجياتها، ويشمل التغيير التكيف مع السوق في تطوير منتجات جديدة أو تقديم خدمات متخصصة استجابةً لاحتياجات العملاء، وهو ما يساعد في ضمان نجاح المؤسسة على المدى الطويل.
- مواكبة المنافسة: يتيح التكيف مع الأسواق وإعادة الهيكلة وتنظيم العمليات وتبني الابتكار فرصة أكبر للمنشأة في تصدر المنافسة والحصول على حصة سوقية أكبر تحقق الأهداف الإستراتيجية وتعظم الأرباح.
- التعامل مع مقاومة التغيير: إحدى أكبر التحديات في التغيير المؤسسي هي مقاومة الموظفين، ويمكن التغلب على هذه المقاومة من خلال التواصل الفعّال وتقديم التدريب وتحفيز الموظفين للتكيف مع العمليات الجديدة وضمان سلاسة التنفيذ.
- تطوير ثقافة تنظيمية جديدة: لا يقتصر التغيير المؤسسي فقط على التحولات في الهيكل التنظيمي أو العمليات، بل تتعلق أيضًا ببناء ثقافة تنظيمية جديدة تعزز الابتكار والمرونة، وتخلق بيئة عمل تمكن الموظفين من التكيف بسهولة أكبر مع التغيرات المستقبلية.
ما الفرق بين إدارة التغيير والتغيير المؤسسي؟
برغم الترابط بين إدارة التغيير والتغيير المؤسسي في سياق تطوير الشركات والمؤسسات، إلّا أن كل من المفهومين يختلف عن الآخر في عدة مجالات، فالتغيير المؤسسي يتعلق بالتغييرات الكبرى التي تُحدثها المؤسسة في هيكلها وإستراتيجياتها وتقنياتها وثقافتها بهدف تحسين أدائها وتكيفها مع بيئة الأعمال المتغيرة. في المقابل تركز إدارة التغيير على الجوانب الإنسانية للتغيير، أي كيفية توجيه الموظفين والأفراد داخل المؤسسة للتكيّف بنجاح مع هذه التغييرات الكبيرة. وتعد عملية إدارة التغيير جزءًا من التغيير المؤسسي الشامل.
ومن أبرز الفروق بين إدارة التغيير والتغيير المؤسسي:
النطاق
يتعامل التغيير المؤسسي مع التحولات والتغييرات مثل إدخال تقنيات جديدة وإعادة الهيكلة التنظيمية أو تغيير الإستراتيجيات، وقد تشمل هذه التغييرات كافة جوانب المؤسسة أو جزء منها، لكنها بالنتيجة تؤثر على الطريقة التي تعمل بها، ومن أمثلتها الدمج والاستحواذ.
في المقابل تركز إدارة التغيير على مساعدة الأفراد والفرق على التكيف مع التغييرات التنظيمية التي يشملها التغيير المؤسسي، وتشمل توصيل المعلومات بوضوح وتدريب الموظفين وإدارة المقاومة تجاه التغييرات.
الأهداف
تكون عادةً أهداف التغيير المؤسسي إستراتيجية وتؤثر على مستوى المنشأة لتعزيز أدائها وتحسين الكفاءة وزيادة القدرة التنافسية وتحقيق النمو. في حين تهدف إدارة التغيير إلى ضمان تبني الموظفين التغييرات المؤسسية بسلاسة وتفادي المقاومة التي قد تعيق تحقيق أهداف التغيير.
النهج
يُخطط التغيير المؤسسي على مستوى القيادة العليا كونه يشمل تغييرات هيكلية أو تقنية أو ثقافية تتطلب تخطيطًا وتنفيذًا إستراتيجيًا طويل الأمد. في المقابل تعتمد إدارة التغيير على استخدام التدريب والتواصل الفعّال والمشاركة لضمان تفاعل الموظفين مع التغييرات بإيجابية.
الإطار الزمني
يمتد التغيير المؤسسي على فترة طويلة من الزمن ضمن عملية معقدة تشمل مراحل تخطيط وتنفيذ متعددة. بينما غالبًا ما تكون إدارة التغيير ذات نطاق زمني أقصر، وتتعلق بمشروعات أو تغييرات محددة تنتهي عند تبني الأفراد للعمليات أو الأنظمة الجديدة.
ما هي عناصر إدارة التغيير المؤسسي؟
تتطلب عمليات التغيير المؤسسي نهجًا متكاملاً يتناول مجموعة من العناصر الأساسية التي تساهم في تحقيق نتائج إيجابية ومستدامة، وهذه العناصر هي:
التخطيط
تعد مرحلة التخطيط من المراحل الحاسمة في عملية التغيير المؤسسي، إذ تحدد الإطار العام لكيفية تنفيذ التغييرات وضمان تحقيق الأهداف المرجوة، ويتم ذلك عبر:
- تحليل الوضع الراهن: تقييم الأداء الحالي وتحديد نقاط القوة والضعف وفهم التحديات التي تواجه المؤسسة، ثم تحديد الفجوات بين الوضع الراهن والأهداف المرجوة لفهم متطلبات التغيير.
- تحديد الأهداف: وضع أهداف قابلة للقياس والتحقيق ومحددة زمنيًا، ويجب أن تتماشى مع الرؤية الاستراتيجية للمؤسسة ما يضمن توجيه الجهود نحو تحقيقها.
- وضع خطة تفصيلية: سواء عبر تحديد الأنشطة والمهام اللازمة لتحقيق الأهداف، أو تخصيص الموارد المطلوبة المالية والبشرية والتكنولوجية لكل نشاط وضمان توفرها عند الحاجة.
- تحديد الجدول الزمني: مراحل تنفيذ التغييرات، والمواعيد النهائية لكل مرحلة، وضمان الالتزام بها.
- تقييم المخاطر: يتطلب التخطيط تقييم المخاطر المرتبطة بالتغيير، ويشمل ذلك التعرف على المخاطر المحتملة التي قد تؤثر على نجاح المبادرة، وتطوير الخطط للتخفيف منها والاستعداد لمواجهة أي تحديات تترتب عليها.
- تنفيذ العمليات: تتضمن مرحلة التنفيذ خطوات عملية وممارسات رئيسية تشمل مثلًا إعادة الهيكلة مثل تقليص المستويات الإدارية أو دمج الأقسام لتحقيق كفاءة أكبر.
العمليات
تمثل الإطار الذي يتم من خلاله تنفيذ الأنشطة وتحقيق الأهداف، ويتم ذلك من خلال عدة أنواع من العمليات، مثل:
- تعديل العمليات الحالية: فحص سير العمل وتحديد المناطق التي تحتاج إلى تحسين أو تعديل، ثم إعادة تصميم العمليات لضمان تحقيق أقصى كفاءة وإزالة أي خطوات غير ضرورية.
- تقديم عمليات جديدة: قد تتطلب التغييرات ابتكار عمليات جديدة بالكامل، مثل إدخال أساليب جديدة للعمل أو تكنولوجيا جديدة لتحسين الأداء، ويجب إجراء اختبارات شاملة لضمان فاعلية العمليات الجديدة قبل التنفيذ الكامل، وتقييم مدى ملاءمتها مع احتياجات المؤسسة.
- تحقيق التوافق بين العمليات المختلفة: من المهم أن تكون العمليات متوافقة بين مختلف الأقسام لتحقيق التكامل في العمل وتحسين الأداء الكلي.
التكنولوجيا
تُعَدُّ التكنولوجيا عنصرًا محوريًا في عمليات التغيير المؤسسي، فتبدأ عملية التغيير بتحديد متطلبات التكنولوجيا المناسبة التي تلبي احتياجات المؤسسة، واختيار الحلول المناسبة الأكثر توافقًا مع أهداف المؤسسة، مثل البرمجيات والأنظمة السحابية والأجهزة الحديثة. ويجب أن تراعي التكنولوجيا الحديثة التي تتبناها عملية التغيير المؤسسي مايلي:
- تحسين الكفاءة وتسريع سير العمل: عبر أتمتة العديد من العمليات الإدارية والتشغيلية، مثل استخدام أنظمة إدارة الموارد البشرية ومنصات إدارة المشاريع لتعزيز التعاون بين الفرق.
- الابتكار وتطوير المنتجات والخدمات: تطوير منتجات وخدمات جديدة تلبي احتياجات العملاء المتغيرة، وتمكّن المؤسسات من الاستجابة السريعة للتغيرات في السوق، وتعزيز القدرة التنافسية.
- تعزيز الأمان: مع تزايد استخدام التكنولوجيا، يزداد التركيز على حماية البيانات وأمن المعلومات، لذا يجب على المؤسسات اعتماد تقنيات أمان متقدمة لحماية معلوماتها ومواردها، إضافة لضمان الامتثال للوائح والقوانين سواء المتعلقة بحماية البيانات والخصوصية، أو التشريعات المتعلقة بالعمل.
الأفراد
يعتمد نجاح العمليات على مدى مشاركة وارتباط الموظفين بالتغيير، ويجب على المنشأة تفعيل إدارة التغيير لضمان:
- المشاركة الفعالة للموظفين: إشراك الأفراد في مراحل تخطيط وتنفيذ التغيير، وتشكيل فرق عمل متعددة التخصصات من مختلف المستويات التنظيمية لضمان تنوع وجهات النظر واحتواء جميع الآراء.
- التواصل: التواصل الفعال هو عنصر أساسي في إدارة التغيير، لذا يجب على القيادة توضيح الأسباب وراء التغيير والأهداف المرجوة والفوائد المتوقعة، ليكون الموظفون على علم بكل التطورات والمستجدات.
- تغيير السلوكيات: سواء عبر تحدي المقاومة للتغيير والتعامل معها من خلال التثقيف والتوجيه، أو تعزيز ثقافة التغيير من خلال تشجيع الابتكار والمبادرة وتحفيز الموظفين على تقديم أفكار جديدة وتبني التغييرات.
- التدريب والتطوير: تقديم برامج تدريبية لمساعدة الموظفين على تطوير مهاراتهم والتكيف مع التغيرات الجديدة، وتوفير الإرشاد والدعم الفردي لتحسين مستوى فهم الموظفين للتغييرات، وإجراء تقييمات دورية لأداء الموظفين في سياق التغيير لتحديد الفجوات في الأداء وتقديم الدعم المطلوب.
- القيادة: يجب على القادة أن يكونوا قدوة في تبني التغيير وأن يظهروا التزامهم القوي نحو تحقيق أهداف التغيير، مع العمل على تحفيز الموظفين وتقدير إنجازاتهم.
ما أنواع إدارة التغيير المؤسسي؟
يمكن تصنيف التغيير التنظيمي إلى عدة أنواع تعتمد على الهدف والنطاق والتأثير الذي تسعى إليه المنشآت، ويشمل ذلك تغييرات جوهرية تتعلق بالإستراتيجيات والرؤى والتغييرات المتعلقة بالبنية الداخلية والعمليات اليومية، وهذه الأنواع هي:
التغيير الإستراتيجي
إعادة صياغة رؤية المؤسسة ورسالتها وأهدافها لمواكبة التغيرات في السوق أو البيئة التنافسية، ويحدث هذا النوع من التغيير عادةً استجابةً لضغوط خارجية مثل التغيرات في التكنولوجيا أو المنافسة أو احتياجات السوق، ومنها توسيع نطاق المنتجات أو الدخول إلى أسواق جديدة أو تغيير إستراتيجية التسعير.
يحتاج هذا النوع من التغيير إلى تخطيط مكثف وإشراك جميع المستويات في عملية التغيير كونه يؤثر على جميع جوانب العمل ويتطلب تعديلًا شاملاً في الهيكل التنظيمي والعمليات، كما يتميز بكونه جذريًا ويتطلب تغيير الثقافة المؤسسية بأكملها لتتناسب مع التوجه الجديد.
التغيير التكنولوجي
التكيف مع التقنيات الحديثة لتحسين كفاءة العمليات وزيادة الإنتاجية، ويشمل هذا التغيير التحول الرقمي واعتماد برامج جديدة أو استبدال الأنظمة التقليدية بأخرى تعتمد على الحوسبة السحابية أو الذكاء الاصطناعي، ويتطلب التدريب المستمر للموظفين لضمان التكيف مع الأنظمة الجديدة، وتوفير الدعم التقني وإعادة هيكلة العمليات لتحقيق التكامل الفعّال بين التكنولوجيا الحديثة والأنشطة اليومية.
التغيير الهيكلي
تعديل هيكل المؤسسة لتحسين الكفاءة والفاعلية، ويشمل هذا النوع من التغيير إعادة توزيع الأدوار والمهام بين الموظفين أو دمج الأقسام أو تقليص عدد المستويات الإدارية، ويهدف إلى تبسيط الإجراءات وتحقيق مرونة أكبر في التعامل مع المتغيرات الداخلية والخارجية.
ويتطلب التغيير التنظيمي الهيكلي تغيير الأدوار والمسؤوليات ما يخلق الحاجة إلى التواصل الفعال و التخطيط الدقيق لتجنب التوترات والمقاومة من الموظفين.
التغيير الثقافي
يعد من أصعب أنواع التغيير لأنه يتعلق بتغيير القيم والمعتقدات والمعايير التي تحكم سلوك الموظفين داخل المؤسسة، ويهدف إلى تعزيز ثقافة جديدة تدعم الابتكار والتعاون أو التركيز على العملاء، مثل تحويل بيئة العمل من ثقافة بيروقراطية إلى ثقافة تعتمد على الابتكار أو من التركيز على الأرباح القصيرة الأجل إلى الاستدامة طويلة الأجل.
يتطلب التغيير الثقافي جهودًا مستمرة من القيادة وتواصلًا مستمرًا لضمان تبني الموظفين للقيم الجديدة.
التغيير التشغيلي
يركز على تحسين العمليات اليومية والإجراءات الداخلية للمؤسسة لزيادة الكفاءة وتحسين الأداء، ويمكن أن يشمل إعادة تصميم العمليات أو تبني منهجيات التحسين المستمر، ويهدف إلى تحقيق تحسينات ملموسة في الإنتاجية وتقليل التكاليف وتحسين جودة المنتجات أو الخدمات المقدمة للعملاء، ويتطلب التغيير التشغيلي مراقبة دقيقة وقياسًا دائمًا للأداء لضمان تحقيق التحسينات المستهدفة.